لفترة كبيرة كان المختصين في دراسة الأسماك والمخلوقات البحرية بل وحتى الصيادون والسكان القريبين من الشواطئ يلاحظون ظاهرة غريبة جدًا ليس لها تفسير
وهي وجود دوائر محفورة في أجسام الأسماك مخترقة اللحم من الداخل، وأحيانا بعض الأسماك يوجد بها أعداد كثيرة من الدوائر المحفورة وبعضها يعيش داخل المياه والبعض الآخر نفوقًا على الشواطئ.
وليس ذلك فقط بل كانوا يجدون هذه الدوائر محفورة على أجسام أسماك كبيرة في الحجم كالدلافين وأسماك القرش.
هذا المخلوق الموجود أمامك هو سمكة اللامبري (Lamprey) وبمجرد النظر إليه ستشعر أنه مجرد مخلوق بحري عادي يشبه الثعابين وأنه لطيف ومسالم، لكن بمجرد النظر إليه من الأسفل وتحديدًا ناحية الفم ستجد هذا المشهد المرعب.
اللامبري- Lamprey
اللامبري (Lamprey) أو مصاصات الحجر هو نوع من الحيوانات البحرية تتبع طائفة اللافكيات، يتراوح طوله من ١٣ سم ل واحد متر، وهذا المخلوق تركيبه في غاية البساطة، فجسمه بالكامل عبارة عن غضاريف لا يحتوي على عظام إطلاقًا ولا زعانف مزدوجة كالأسماك، وذات حركة بطيئة.
كيف يتنفس اللامبري
يمتلك فتحة أنف واحدة بالإضافة إلى سبع فتحات أخرى للتنفس في كل جانب تحل محل الخياشيم.
لكن على الرغم من كل هذا اللامبري يمتلك سلاحًا فتاكًا يعتمد عليه في كافة جوانب حياته تقريبًا، بل أنه يعتبر السبب الرئيسي في بقاء اللامبري موجودًا إلى وقتنا الحالي، وخصوصًا عندما تعلم أن اللامبري على الرغم من إمكانياته المتواضعة هذه إلا أنه موجود على الأرض منذ أكثر من 360 مليون سنة.
فم اللامبري
تمتلك أسماك اللامبري فمًا مستديرًا يحتوي على العشرات من الأسنان الحادة المتكونة من الكيراتين والبروتينات، بجانب هذه الأسنان يوجد لسان مُدبب يتكون من ثلاثة أجزاء يشبه الحفار.
بإلاضافة إلى أن الإطار الخارجي للفم ملمسه ناعم جدًا وهذا ما يمكنه من الالتصاق بالأسطح الذي يقابلها لدرجة الالتصاق بالصخور نفسها، حيث يوجد العديد من المقاطع التي تظهر أسماك اللامبري معلقة وملتصقة بالصخور من خلال فمها وهذا سبب تسميتها ب مصاصات الصخور.
آلية إستخدام اللامبري لفمه
مخلوق كهذا لن يكتفي بالالتصاق بالصخور فقط، حيث يهجم اللامبري علي مختلف أنواع الأسماك كأسماك السلامون والسلور والتراوت وغيرها، وبمجرد رؤيتها يلتصق بها ومهما حاولت هذه النوعية من الأسماك الهرب تفشل في جميع المحاولات.
في هذا الوقت يبدأ اللامبري في استخدام لسانه المُدبب مخترقًا جسم السمكة وعمل فتحات وبمجرد الوصول إلى الدم يبدأ في امتصاصه بالإضافة إلى باقي السوائل في جسم السمكة.
وأثناء هذه العملية يفرز من فمه مواد مضادة للتخثر تعمل على عدم تجلط الدم بسرعة حتى يتمكن من سحب الكمية الذي يريدها ، أشبه بالآلية المستخدمة من قبل البعوض لكن على نطاق أوسع.
وبعد الانتهاء من مهمته ينفصل عن السمكة والنزول إلى القاع تاركًا السمكة مليئة بالجروح الدائرية العميق والتي تكون كفيلة بإنهاء حياة السمكة.
مهاجمة اللامبري للدلافين والقروش
المدهش أن هذا المخلوق الغريب لا يكتفي بالمخلوقات صغيرة الحجم أو الكبيرة فقط، بل يخترق أجسام الأسماك الضخمة مثل الدلافين والقروش بل حتى الحيتان أيضًا.
وبالفعل تم رصد العديد من الدلافين والقروش يوجد على أجسامهم كدمات دائرية بسبب قضماته ونفس الأمر أيضًا مع الحيتان.
ففي عام ١٩٥٠م حدثت واقعة غريبة عندما كانوا يفحصون مجموعة من الحيتان الموجودة على ساحل جزيرة فانكوفر (Vancouver Island) التابعة لكندا، لاحظوا علامات لأسنان اللامبري على أجسام حيتان ضخمة مثل الحوت الأحدب، وحوت العنبر، أو الحوت الزعنفي والذي يعتبر ثاني أكبر حوت في العالم بعد الحوت الأزرق.
لكن الفرق بينهم وبين الأسماك الصغيرة أن هذه المخلوقات البحرية الضخمة يمتلكون صفة مميزة وهي أن جروحهم تلتئم بسرعة كبيرة جدًا ولذلك يتمكنون من الاستشفاء من عضات اللامبري.
لكن الغريب أن الباحثين قد عثروا على أجسام القروش والدلافين على مثل هذه الفتحات الدائرية المفرغة لكن حجمها أكبر بكثير وجرحها عميق، لدرجة نفوق بعض الدلافين على أثر هذه الجروح.
وذلك ما جعلك الباحثين تشك من وجود مخلوق بحري آخر يهاجم بنفس الطريقة المستخدمة من قبل اللامبري، لكن هذه المرة أكبر بقليل وأعنف حيث كان شك الباحثين في محله.
قرش الكوكيز - Cookiecutter shark
إذا كان اللامبري مخيف بالنسبة لكم بعض الشيء فدعونا نعرفكم عن قرش قطاعة الكوكيز، هذا الحيوان شكله غريب لدرجة أنه من الممكن أن تتصور أنه مخلوق خيالي خرج من أحد الأفلام.
لكنه في الواقع هو أحد القروش صغيرة الحجم، قرش قطاعة الكوكيز يتراوح طوله في المتوسط من ٤٢ سم لـ ٥٦ سم فقط لا غير، لكن على الرغم من ذلك يمتلك صفات جسمانية غريبة جدًا.
في البداية يمتلك هذا القرش ٣٧ سِنًا في الصف العلوي حجمهم صغير، وحوالي ٣١ سِنًا في الصف السفلي على شكل مثلثات حادة، لكن هذه الأسنان ليست منفردة مثل الموجودة عند القروش أي كل سِنّ يتجدد وحده.
أسنان هذا القرش جميعها متصلة مع بعضها، وهي عبارة عن هيكل واحد أشبه بالمنشار، ولكي تتخيل مدى وحشيته فهذا النوع من القروش عند تجديد أسنانه يقوم ببلع هيكل أسنانه القديم بالكامل وهضمه حتى يستفيد من العناصر الموجودة به من كالسيوم وغيرها.
محاولة الصيد لدى قرش الكوكيز
يمتلك قرش الكوكيز ميزة مهمة وهي انبعاث أضواء أو أطياف معينة تجذب الأسماك الكبيرة للمكان الموجود فيه حيث تكون العملية أشبه بالفخ، وعندما تقترب السمكة من المكان يهجم عليها فورًا وأخذ قضمة منها مختفيًا بعد ذلك ليس له أثر تاركًا جرح في جسم الفريسة يصل عمقه إلى ٧ سم.
سبب تسمية قرش قطاعة الكوكيز بهذا الاسم
يرجع سبب تسميته بقرش قطاعة الكوكيز إلى الجرح الدائري العميق الذي يتركه والأشبه بقطعة الكوكيز، حيث تكون قضمته أكبر وأعمق من الجرح الذي يتسبب فيه اللامبري.