تردد في الأشهر والآونة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي موضوع جن أبو فانوس وكثر الحديث عنه، بل أصبح من المواضيع الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ما هو جن أبو فانوس؟
جن أبو فانوس أو أبو نويرة أو أبو سيراج، من اسمه يظهر لنا ارتباطه بالضوء بشكلٍ أو بآخر، وبالفعل حسب ما يتم تداوله بين الأشخاص من السكان المحليين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فإن جني أبو فانوس هو ظاهرة ضوئية غير معروف مصدرها أو منشئها.
شكل جن أبو فانوس وموعد ظهوره
يُقال إنها تظهر ليلًا في الساعات الأولى للفجر قبيل شروق الشمس على شكل كرةً مضيئة متوهجة لمن ينظر إليها من بعيد، هذه الكرة المضيئة والتي تم تشبيهها بأضواء السيارات في بعض الأحيان.
تتحرك مرةً مبتعدة ومرةً أخرى مقتربة من المسافرين وعابري الطريق، في صحراء الربع الخالي وهي أكبر صحراء رملية في العالم والتي تعتبر جزءًا من الصحراء العربية حيث سجل أكثر نسبة من المشاهدات لهذا الكائن.
ما يحدث عند الاقتراب منه
وإذا قام أحد هؤلاء الأشخاص المشاهدين له بتتبعه والاقتراب منه فإنه في أغلب الأحيان يختفي فجأة دون سابق إنذار، سكان هذه المناطق قد نسبوا هذا الضوء إلى نوع من أنواع الجن والذي أطلق عليه العديد من المسميات والمذكورة مسبقًا.
هدف الجني أبو فانوس
حيث يعتقد السكان المحليون أن هدف جن أبو فانوس هو إضلال المسافرين عن وجهة طريقهم ودفعهم إلى الحيرة والضلال في الصحراء الواسعة.
البحث في جولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي كافية أن تؤكد مدى انتشار هذه الظاهرة وما تحظى به، حيث قام العديد من الأشخاص بتوثيق عدة مقاطع يوثقون فيها تجاربهم مع هذا الضوء وظهور الجني أبو فانوس.
ظهور جن أو فانوس لبعض الأشخاص
أحدهم يتحدث عن تجربته مع جن أبو فانوس هذا، ويخبرنا عن الضوء الذي ظهره له فجأة من العام عندما كان يقود سيارته في أحد الطرق الصحراوية والمشهورة بين السكان المحليين على أنها موطن لهذا النوع من الجن.
وإذ فجأة يظهر بجانب سيارته سيارة مجهولة من العدم، ما فعله الرجل أنه لم يتجرأ على النظر إلى السيارة المجهولة وقام بتحصين نفسه من خلال ترديد الأذكار القرآنية والذي أكمل طريقه قاصدًا ومتوجهًا إلى الطريق العام، وبمجرد ظهور أضواء الطريق قد اختفت هذه السيارة الغريبة المجهولة.
وعلي الجانب الأخر يوجد شابًا آخر يروي لنا أنه من باب الفضول وسماعه الكثير عن قصص جن أبو فانوس وما يظهر من كرة ضوئية متوهجة، فقد قرر التأكد بنفسه حقيقة وجود هؤلاء الجن.
وبالفعل قام الشاب بالتوجه قاصدًا صحراء الربع الخالي، حيث أخذ الشاب يتعمق داخل الصحراء باحثًا عن رؤية الكرة الضوئية المتوهجة، وبعد استغراق الكثير من الوقت واليأس في إيجادها قر. العودة ليتفجأة بإضاءة مكانها زجاج سيارته الخلفي.
يؤكد الشاب أنه كان وحيدًا حيث كانت المنطقة خالية تمامًا، وعند مشاهدته للضوء انتابه الخوف والرعب الشديد وخصوصًا أن الضوء كان يزيد من سرعته كلما زاد الشاب سرعة سيارته.
فمرةً يظهر الضوء منقسمًا وكأنه ضوء سيارة ومرةً أخرى يظهر ككرة مضيئة تشبه ضوء الدراجة النارية، وكما ذكر الشاب أن الضوء كان يتحرك يمينًا ويسارًا، حيث أكمل الشاب طريقه متحصنًا بسماع الآيات القرآنية حتى وصل إلى الطريق العام ليختفي الضوء تمامًا.
العديد من المغامرات وإن أمكن القول اكتسب الطابع الفكاهي ومنها ما رواه أحد المغامرين الذي يخبرنا عن تجربته هو وأصدقاؤه في البحث عن جن أبو فانوس.
حيث قامت هذه المجموعة من الشباب بالتوجه إلى الصحراء للبحث عن ابو فانوس، وبعد مرور فترة من الوقت قد لمحوا ضوءًا من بعيد، هذا الضوء الذي ظهر لاحقًا أنه سيارة خرجت من العدم أثارت الرعب والهلع في قلوب الشباب.
وأول ما راودا أذهانهم أنه جن أبو فانوس فإنهم قد سبق وسمعوا عن قصص وحكايات عنه عن طريق ظهور سيارات مجهولة تظهر من العدم وتختفي فجأة.
حيث بدأت هذه السيارة الغريبة في الاقتراب من سيارتهم، وما إذا قام الشباب بتشغيل شريطً قرآني بصوت عالٍ ، عندها أخذت السيارة تُطلق بوق السيارة (منبه السيارة) لتوقف الشباب عن متابعة مسيرتهم.
فالشباب لم يتوقفوا وقاموا باستكمال طريقهم بسرعةً كبيرة والسيارة تطاردهم، والأكثر من هذا أنه قام أحد الشباب بالصراخ والادعاء أن يدًا خرجت من السيارة تطلب منهم التوقف، وإلى أن وصل الشباب إلى الطريق العام إلا أن السيارة هذه المرة لم تختفى بل وقفت بمحاذاة سيارتهم ليتفاجئ الجميع أن صاحب السيارة هو شخصًا عاديًا راعيًا للأغنام، ظننًا منه أنهم مجموعة من اللصوص يرغبون في سرقة أغنامه.
ويوجد غيرها الكثير من القصص والموثقة بمقاطع الفيديو والتي تظهر هذه الأضواء بوضوح والتي بإمكان أي شخص الوصول إليه الى سبيل التسلية أو لإشباع الفضول.
اللافت للانتباه هو ما تراوده رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول جن أبو فانوس، وخصوصًا من ناحية ربطه بالأحاديث النبوية الشريفة.
حقيقة ذكر جن أبو فانوس في الأحاديث النبوية
وإن لم تكن هذه الأحاديث النبوية لم تسمى جن أبو فانوس باسمه بل أطلقت عليه اسم الغيلان أو الغول، وحسب ما يتم تداوله في هذه المنصات فقد قامت بربط أبو فانوس مع حديثين نبويين.
الأول تتشابه فيه أوصاف هذا الغول مع ما هو متعارف عليه حول أبو فانوس، والثاني ذُكر اسم الغول فيه ولكن بسبب معين سنتعرف عليه لاحقا في سياق مقالنا.
علمًا أن لفظ الغيلان أو الغول الوارد في الحديثين الشريفين ليس المقصود فيهم الوحش الذي نعرفه من خلال الأفلام والقصص،حيث أكد العلماء المسلمون أن لفظ الغيلان عند العرب قديمًا كان يُطلق على أنواع من الجن أو الشياطين الذي تتلون أو تتشكل على هيئة أشكالٍ عديدة كان أبرزها من الضوء.
كانت هذه الغيلان تقوم بإضلال من يراها من المسافرين عن وجهتهم أو المكان المراد الوصول إليه مثل ما ذكرنا عن جن أبو فانوس.
الحديث الأول والذي ورد غي أغلب كتب المسلمين نقلًا عن الصحابي جابر بن عبد الله عن رسولنا الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام.
{إذا سِرْتم في الخِصبِ، فأَمْكِنوا الرِّكابَ أسْنانَها، ولا تَجاوَزوا المنازِلَ، وإذا سِرْتم في الجَدْبِ، فاستَجِدُّوا، وعليكم بالدُّلَجِ؛ فإنَّ الأرضَ تُطْوى بالليلِ، وإذا تغوَّلَتْ لكم الغِيلانُ، فبادِروا بالأذانِ، وإيَّاكم والصَّلاةَ على جَوادِّ الطَّريقِ، والنُّزولَ عليها؛ فإنَّها مَأْوى الحيَّاتِ والسِّباعِ، وقَضاءَ الحاجةِ؛ فإنَّها الملاعِنُ}
وهنا ينتهي نص الحديث لتبدأ التفسيرات ولعل أبرزها تفسيرًا لابن الاثير في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر، حيث يذكر في معرض تفسيره لهذا الحديث أن الغيلان هنا هي نوع من الجن والشياطين تتغول أو تتلون في صور مختلفة للناس على هيئة ضوء لاضلالهم عن الطريق، فقد أمرنا رسولنا الكريم بالأذان وذكر الله عند مواجهتها.
{لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةً وَلَا هَامَّةً وَلَا صِفْر [ 1 ] ، وَلَا نَوْءً وَلَا غُولْ [ 2 ] ، وَيُعْجِبَنِي اَلْفَأْلُ}
بالطبع سيقول البعض هنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام نفى وجود هذا الغول بعد أن قد حذرنا منه سابقًا، لأن الجواب عند علماء الملسمين ومفسريهم.
أبرز من فسر هذا الحديث وما الذي قصده الرسول من قوله : لا غول، هو أبو سليمان الخطابي في كتابه معالم السنن.
حيث يقول أبو سليمان : أن الرسول في هذا الحديث لم ينفي وجود الغول بعينه فهو من الجن والجن موجودين حتمًا، وقد فصلًا هذا الموضوع من الجانب الاسلامي سابقًا.
أن الرسول صل الله عليه وسلم، كان يقصد بهذا اللفظ نفي ما كان يزعمه العرب قديمًا من قدرة هذه الغيلان على إضلال الناس ودفعهم إلى التيه أو التحير في الصحراء وايذائهم بشكلٍ أو بآخر.
وهكذا أوضحنا لماذا تم الربط بين الجني أبو فانوس والغيلان التي وردت في الأحاديث النبوية الشريفة.
أضواء مارفا - Marfa Lights
مما سبق أتضح أن أغلب من ذكروا رؤيتهم لهذه الظاهرة كانوا من العرب داخل صحراء الربع الخالي، إلا أن المفاجأة في عام 1883 تم تسجيل أول رؤية لهذه الأضواء من قبل راعي ماشية أمريكي في مدينة مارفا (Marfa) في ولاية تكساس الأمريكية.
لتكتسب بعدها هذه الأضواء والتي تم الإبلاغ من العديد عن مشاهدتها اسم "أضواء مارفا" (Marfa lights)، وبالطبع لم ينسبها الأجانب إلى نوع من أنواع الجن، حيث ربطها البعض على أنها انعكاسات لأضواء المخيمات أو أضواء سيارات.
وربطها البعض الآخر على أنها مخلوقات فضائية ولكن ظهورها من عدمها وحقيقتها وما هي لم تحسم إطلاقًا، ليبقي جن أبو فانوس أو أضواء ما فا سرًا من أسرار هذا الكون الذي يُنتظر من يحل لغزه في المستقبل.
هذا ما استطعنا التوصل إليه بخصوص موضوع أبو فانوس، الموضع الذي أثار جدلًا كبيرًا ورغم هذا لم يحسم إلى وقتنا الحالي، بل لم تقم أي جهة متخصصة سواء حكومية أو علمية في البحث والدراسة عن هذا الموضوع على الرغم من انتشاره الواسع والموثقة من قبل الشهود الذين مروا بهذه التجربة.
ومن يدري قد تكشف الأيام القادمة المزيد حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع الذي لم يستطع العلم تفسيرها إلى الآن أو من المحتمل أن يبقي الكثير من هذه المواضيع في خانة الغموض والجدل لحكمة من الخالق جل وعلا الذي خلق ما نعلم وما لا نعلم.