حوت الليفايثن (Livyatan) - أخطر حوت على مر التاريخ !

حوت الليفايثن أخطر حوت في التاريخ

من أخطر المسائل المتعلقة بالحيوانات عمومًا أن تجد واحدًا منهم ذات صفات جثمانية عملاقة وتكون مصحوبة أيضًا بطبيعة مفترسة قابلة لابتلاع جميع الكائنات في محيطها.

حوت الليفايثن (Livyatan)
حوت الليفايثن - أخطر حوت في التاريخ !

والحيتان بطبيعة الحال من الصعب أن تجد أضخم منها أو تمتلك نفس الشهية المفتوحة الموجودة عندها، ومع ذلك إذا ألقيت النظر على أغلب أنواع الحيتان باستثناء حوت الاوركا القاتل والذي لا يصنف على أنه حوت،


ستجد أن معظهم لا يسبب أي خطورة للحيوانات البحرية المتوسطة أو الكبيرة، وعلى الرغم من قوة وضخامة أجسامهم إلا أن طبيعتهم غير مفترسة.

حوت الاوركا القاتل

لكن مؤخرًا اكتشف العالم وجود حوت عجيب كان بمثابة آلة للقتل، حيث جمع بين القوة والضخامة والافتراس، وتسيد عالم البحار منذ ملايين السنيين وبث الرعب في كل المخلوقات البحرية وقتها.


تعتبر صحراء بيسكو أيكا (pisco ica) الموجودة بالقرب من الساحل الجنوبي لبيرو (peru) بأمريكا الجنوبية بمثابة منجم ذهب لعلماء الحفريات البحرية، وشهدت المنطقة الكشف عن أنواع متعددة لحيتان منقرضة وأنواع عجيبة من بطاريق عملاقة، يصل طولها معتدلة لطول الإنسان.


عاشت على الأرض منذ ملايين السنيين، وأثناء تواجد فريق بحثي في المنطقة في الوقت الحالي اقترح أحدهم سؤالًا، يا ترى ما هو أعظم اكتشاف من الممكن العثور عليه هُنا؟.

حوت الليفايثن

فعرض عليه أحد زملائه صورة عجيبة لسن عملاق يشبه أسنان حيتان العنبر (sperm whale)، لكنه ضخم بشكل غير طبيعي طوله يصل إلى 40 سم، وشرح لزملائه أنه تم اكتشاف هذا السن في تشيلي (Chile) بمنطقة تتشابه طبيعة أرضها مع صحراء بيسكو أيكا، وأنه من الممكن الإجابة على السؤال الذي اقترحه زميله أن تكون متمثلة في العثور على جمجمة الحوت صاحب السن.

اسنان حوت الليفايثن

في عام 2008 وفي آخر يوم للبعثة الاستكشافية، وجدوا بالفعل جمجمة حوت عملاقة بلغ طولها ثلاثة أمتار، جزء منها مكسور لكن فك الجمجمة موجود بالكامل، ويتناسب حجم الحلقات الموجودة في الفك مع السن العملاق الذي تم اكتشافه في تشيلي.


حوت الليفايثن

ومن النظرة الأولى على الحفرية توصل الفريق البحثي على أنها تعود إلى جنس جديد علينا من الحيتان، حيث تبين بعد البحث والدراسة أنه تسيد المحيطات منذ 13 مليون سنة، في الوقت الذي كان يوجد فيه أضخم قرش في التاريخ "قرش الميجالودون" (Megalodon shark).


ما هو حوت الليفايثن؟

حوت الليفايثن

يعتبر حوت الليفايثن بمثابة أحد أسلاف حوت العنبر أكبر الحيوانات المفترسة من ذوات الأسنان في العالم، لكن بخصائص وطبيعة أخطر من آلاف المرات من أي حوت عنبر حتى ولو كان الحوت الرهيب بطل رواية موبي ديك.


وباعتباره أحد أسلاف حوت العنبر، أطلق فريق الباحثين على الحوت اسم "ليڤايثن"، وهو الاسم الذي أستخدمه الروائي الأمريكي هرمان ملفيل (Herman Melville) في الإشارة إلى حوت العنبر الرهيب في روايته ‏(Moby - Dick) والذي استوحاها من حادثة تدمير حوت عنبر ضخم للسفينة الأمريكية A6 في أوائل القرن التاسع عشر.



لماذا سمي حوت الليفايثن بهذا الاسم؟

الاسم نفسه استوحاه ميلفل من كائن أسطوري لوحش بحرى أشبه بالأفعى، وبمرور الوقت أصبح اسم ليڤايثن بمثابة مصطلح يتم استخدامه إشارة إلى أي حيوان بحري قوي، وبناءً عليه استعان به هرمان ملفيل للاشارة لحوت العنبر في روايته المعروفة، وتكريمًا لهرمان ملفيل كاتب الرواية سمّى فريق الباحثين الحوت باسم ليفايثن ميلفيل (livyatan melville).


ما هو حوت الليفايثن؟

وإذا ألقينا نظرة عامة على الحيتان سنجد أن كل حوت من الحيتان الموجودة في عالمنا حاليًا تمتلك أسلوبها المختلف في الافتراس.


الحيتان البالينية (Baleen whales) مثل الحوت الأزرق (Blue whale) تتميز بوجود صفائح بالينية عوضًا عن الأسنان، وهي عبارة عن صفائح رقيقة تتدلى من الفك العلوي للحوت ويستخدمها في الأساس لتصفية الطعام من الماء، وعلى الرغم من أنه أضخم الحيوانات التي عاشت على وجه الأرض، إلا أنه يعتمد في طعامه على القشريات كأسماك الكريل (Krill fish) والذي تشبه الروبيان.


حيث يتناول ما يقرب إلى 40 مليونًا من أسماك الكريل يوميًا، وهنا تعمل الصفائح البالينية على حجز الطعام داخل الفم أثناء طرد الحوت للماء مرةً ثانية، وهذا النوع من الحيتان لا يمثل أي خطر على الحيوانات البحرية الكبيرة.


وإذا سلطنا الضوء على الحيتان المُسننة الموجودة في المحيطات مثل حوت العنبر والحوت المنقاري (Beaked whale)، سنجد أنه على بالرغم من أنهم يمتلكون مجموعة من الأسنان إلا أن قوة عضتهم ضعيفة وغير معتادين على استخدام أسنانهم في الفتك بالفرائس.


حيث يكتفون باستخدام خاصية الشفط وبلع الطعام بالكامل مثل ما يفعله حوت العنبر مع الحبار العملاق، وبالرغم من أن طول الحبار في المتوسط عشر ة أمتار ووزنه 270 كيلوجراما إلا أن الحوت لا يفكر في استخدام اسنانه لتقطيعه إلى قطع صغيرة، ويكتفي ببلعه كاملًا في مرةً واحدة بما في ذلك عيونه الضخمة ومنقاره الحاد.



والأمر المشترك بين جميع الحيتان المذكورة أنها وعلى الرغم من قوتها وحجمها الهائل لا تمثل خطر حقيقي على الحيوانات البحرية الكبيرة، على عكس حوت الاوركا (Orca whale) والمعروف باسم الحوت القاتل، والذي يستخدم أكثر من 50 سن حاد بطول 10 سم للسن الواحد، ويُمسك بها بإحكام ويقطعها قبل تناولها.


وبعض الباحثين يقترح أن عضة حوت الاوركا أقوي من عضة تمساح المياه المالحة (Saltwater crocodile)، لكن مع بلك حوت الاوركا يصل طوله إلى نصف طول حوت العنبر ووزنه لا يبلغ ربع وزنه.


ناهيك عن المقارنة بينه وبين الحوت الأزرق، تخيل أن الحوت الأزرق يتمتع بنفس قسوة الأسنان وطبيعة الاوركا المفترسة، فما كان الذي سوف يفعله في عالم البحار ومدى الخطر الذي سيسببه للمخلوقات البحرية، وأشكال الصراعات بينهم وبين باقي المخلوقات المفترسة.


وهنا يأتي حوت الليفايثن حتى يبرهن عن ما سوف يحدث إذا امتلكت المحيطات حوت بحجم حوت العنبر مع أسنان أقوى بمراحل من الاوركا، وطبيعة أشد نهمًا وافتراسًا من أسماك القرش.


فعلي الرغم من أن الليڤايثن أحد أسلاف حوت العنبر إلا أن الوضع بالنسبة له كان مختلفًا تمامًا عن الحيتان الموجودة في عالمنا الحالي.

 

وصف شكل حوت الليفايثن

حوت الليفايثن (Livyatan)

استدل العلماء من واقع حجم جمجمة وفك حوت الليفايثن أن طوله يتشابه مع طول حوت العنبر من 15 لـ 18 متر، لكن يختلف معه بشدة في قوة الفك وقوة العضة، حيث يقترح الباحثين أنها بالتأكيد أقوى عضة لحيوان مفترس تم اكتشافه في التاريخ، مع أسنان عملاقة يصل طول الواحد منها إلى 36 أو 40 سم، يعني أنها أطول من أسنان حوت العنبر بأكثر من الضعف، وأطول من الأسنان الحادة لحوت الاوركا المفترس بثلاثة أضعاف.


والأدهى هنا أن قُطر السن الواحد يصل إلى 12 سم، وعلى عكس حيتان العنبر فحوت الليفايثن يمتلك أسنان في كلا الفكين العلوي والسفلي، والسن في الفك العلوي في طرفه فجوة يدخل فيها طرف السن السفلي.


وأستدل العلماء من هذا الأمر أن الحوت كان يتمكن من تقطيع قطع لحم كبيرة جدًا من جسد الفرائس، وأن حميته الغذايئة اشتملت على حيوانات بحرية ضخمة وخاصة من الحيتان.


وعلى عكس حيتان الاوركا المعتادة على الصيد في مجموعات، فحيتان الليفايثن لا تحتاج إلى مجموعات للصيد، وهنا من الممكن أن تتخيل صراع بين إثنين من أقوي المخلوقات البحرية في التاريخ، قرش الميجالودون وحوت الليڤايثن.


ويعتقد العلماء أنه بالرغم من صعوبة وجود واحدًا منهم على قائمة طعام الثاني إلا أن تشابه الحمية الغذائية بين الإثنين بالتأكيد كانت بابًا للنزاعات والصرعات بينهم، ناهيك عن أن العلماء تقترح أن الليفايثن بجانب وجوده حول أمريكا الجنوبية بالقرب من اكتشافه.


كان يعيش أيضًا في المناطق الاستوائية في مختلف أنحاء العالم مثله كمثل حوت العنبر، وبالتالي إحتمالية مواجهة لقرش الميجالودون احتمالية واردة جدًا، وما زالت الإجابة على سؤال من يتمكن منهما افتراس الأخر في حالة المواجهة محل جدال كبير بين الناس.


وأينما كانت الإجابة فبالتأكيد سوف تكون معركة أسطورية، وعلى عكس حيتان العنبر الحالية والتي تعيش أغلب عمرها في عمق يترواح بين 200 ألف متر، فحوت الليفايثن كان موجود قبل أن تعتاد حيتان العنبر على الغوص لهذا العمق، وتحديدًا مع توافر أنواع متعددة من قائمة الطعام بالقرب من السطح.


وبناءً عليه يرى العلماء أنه ليس من الضرورة أن تكون معتادة على الغوص في الأعماق، ويجب أن تضع في اعتبارك أن الليفايثن مثل حوت العنبر حيث يمتلك دماغ ضخمة جدًا، وهذا يُعني أنه على قدر كبير من الذكاء، بل ليست قوة غاشمة بلا هدف.


واستعان أيضًا بنفس نظام السونار القوي الموجود عند حيتان العنبر الحالية، لكي يعثر على فرائسه ويكشف عنها بسهولة وهذا عن طريق نبضات صوتية يقوم الحوت بإطلاقها ويستقبل الصدى المرتد إليه لكي يحدد الجسم موقعه أين يوجد في المياه.


وببساطة شديدة يكون خريطة كاملة عن المحيط، والطريقة الفريدة الذي يستخدمها حوت العنبر في تحديد وتتبع الهدف، تقدم له تحديث لحظة بلحظة عن شكل وموقع الجسم أو الهدف الذي يتتبعه.


بالإضافة إلى ذلك يقترح العلماء أن سرعة حوت الليفايثن كانت تصل إلى 50 كيلومترًا في الساعة، أي فكرة هروب فريسة منه أمر في غاية الصعوبة.


سبب انقراض حيتان الليفايثن


العلماء والباحثين لم يتوصلوا إلى سبب مؤكد بنسبة 100%، ولا حتى وقت محدد للانقراض، لكن النظرية الأقرب تقترح أنهم انقرضوا منذ حوالي 6 مليون سنة، ولنفس السبب الذي أدي إلى إزدهار هذه النوعية من المخلوقات البحرية كان هو السبب في الانقراض.


والمقصود هنا أن الأعداد الكبيرة من الأسماك والدلافين والحيتان وفقمات البحر والتي كانت منشرة بكثرة في هذه الحقبة الزمنية، والتي ساعدت هذه الحيتان على الازدهار وكفت احتياجها من الطعام.


ومع تعرض الأرض إلى أواخر العصر الميوسيني منذ حوالى 6 مليون سنة، إلى مجموعة من التغيرات المناخية والتي أدت بدورها إلى إنخفاض أعداد هذه المخلوقات البحرية، هي التي  أدت إلى انقراض عدد من المخلوقات الضخمة التي تمتلك شهية مفتوحة.


وبقدر روعة معاصرة مخلوق فريد مثل حوت الليفايثن إلا أن انقراضه ممكن أن يكون رحمة لكثير من المخلوقات البحرية في محيطنا اليوم.


إقرأ أيضًا :

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-