نعلم جميعنا أن العالم الألماني "ألبرت أينشتاين" كان عبقريًا، وأن دماغه كان يتفوق على ألف عالم مجتمعين. فقد تمكّن العالم من اكتشاف أشياء لم يُفكر بها أحد من قبل،
وجعلنا جميعًا نفهمها على الرغم من صعوبتها وتعقيدها، كان ألبرت أينشتاين عالمًا فيزيائيًا، وقد تمكن خلال حياته من نشر "النظرية النسبية" الخاصة كما وضع القوانين الأولى المستمدة من الظواهر الكهروضوئية، والتي أدخلت العالم كله في حالة من الذهول، مما جعله كفؤاً لنيل جائزة "نوبل".
يعتقد الناس أن لدى آينشتاين دماغًا متفوقًا ومختلفًا عن البشر، وذلك بسبب قدراته العقلية والمعرفية الخارقة، وأن تركيب الدماغ التشريحية لا تماثل الدماغ البشري العادي.
وقد علم آينشتاين أنه بالفعل يمتلك دماغًا مختلفًا، ولهذا السبب لم يريد تشريح جسده بعد وفاته، بل طلب أن يُحرق إلى رماد بما في ذلك جمجمته ودماغه.
ولكن ما حدث كان مختلفًا عما أراده آينشتاين ففي الثالث عشر من إبريل عام 1955 توفي آينشتاين في مستشفي برينستون بنيو جيرسي في الولايات المتحدة، وعندما نُقل جسده إلي المشرحة قام أحد الأطباء الشرعيين بسرقة دماغ العالم ألبرت آينشتاين خُلسة والفرار به، فقد أراد الطبيب أن يدرس دماغ هذا الرجل العبقري ويعرف ما المختلف في شأنه.
"توماس هارڤي" هو أسم الطبيب الأمريكي الذي قام بسرقة دماغ آينشتاين، وقد كان الطبيب مهتمًا بدراسة دماغ العالم من دون القلق بشأن العقوبات التي ستلحق به، وعندما أكتشف إدارة المستشفي أنه قام بسرقة الدماغ قاموا بطرده من عمله، فما كان من الطبيب إلا اللجوء إلى ابن العالم آينشتاين المدعو "هانز ألبرت" وذلك لاقناعه بالسماح للطبيب بدراسة دماغ آينشتاين وإطلاع الناس على سره !
ومُنذ ذلك اليوم خاض هذا الدماغ رحلة طويلة وحافلة، لقد كان الدكتور هارڤي مختصًا بعلم الأمراض وتشريح الجثث ولهذا اعتقد أنه سيكون قادرًا على دراسة دماغ العالم العبقري، لكن خسر عمله في المشفي مما دفعه لأخذ دماغ آينشتاين والسفر إلى ولاية بنسلفانيا الأمريكية وهناك قام الطبيب بأخذ العديد من الصور السينية والمقطعية للدماغ وتقطيعه إلى 240 شريحة.
وبعد وضع كُل من هذه الشرائح في عُلب تحتوي على مواد حافظة قام الطبيب بإخفاء هذه العُلب في قبو منزله، لكن زوجته أصيبت بالفزع لدى رؤيتها لهذه العلب في القبو وهددته بالتخلص منها والقائها خارج المنزل.
واستمرت خلافات الطبيب مع زوجته وسببت طلاقهما مما دفع الطبيب هارفي لسفر نحو ولاية كانساس أخذ معه دماغ آينشتاين وفي كانساس عمل كمشرف طبي كان يقضي أوقات فراغه في دراسة دماغ آينشتاين، بعد تلك الفترة غير الطبيب وظيفته عدة مرات وانتقل من مدينة إلى أخرى بشكلٍ متتالي.
وحتى بعد مرور عدة سنيين لم يتمكن الطبيب هارفي من إجراء أي بحثًا ثابتًا منتظمًا على دماغ آينشتاين كما تم سحب مذكرته الطبية منه وكان وضعه مذري لدرجة أنه أضطر إلى العمل في معمل للبلاستيك.
خلال تلك الفترة قام بخطوة غيرت من مجرى بحثه حيث أرسل عدة قطع من دماغ آينشتاين إلى أفضل علماء الأعصاب في العالم وذلك ليتمكن من إجراء بحثًا حقيقيًا عن الدماغ، وقد قام عددًا كبيرًا من العلماء بنشر أبحاثًا مُتعلقة بدماغ هذا العالم العبقري.
حيث إكتشفوا وجود إختلافات واضحة فيه، إن أكبر اختلاف بين أدمغة البشر ودماغ آينشتاين يوجد في بنية "الجسم الثفني"، فدماغ الإنسان منقسمًا إلى شطرين حيث يتحكم الدماغ الأيسر بالطرف الأيمن للجسم بينما يتحكم الدماغ الأيمن بالجزء الأيسر لجسم الإنسان، ولدى 90% من البشر يُشرف الدماغ الأيسر على القدرة الكلامية والاستيعابية والحسابية والرياضية والكتابية بينما يُشرف الدماغ الأيمن على المهارات الإبداعية وقدرات كشف الأنماط الفنية والموسيقية.
فيما معناه أن دماغكم الأيمن يقوم بارتكاب هذا الخطأ وارسال سيالة عصبية إلى الدماغ الأيسر ليتدارك الخطأ ويحذفه، وهنا يأتي دور "الجسم الثفني" فهو صلة واصلة والمسئولة عن إرسال السيالات العصبية بين كُل من الدماغ الأيمن والأيسر.
لقد كان حجم الجسم الثفني لدى العالم آينشتاين أكبر من حجمه الطبيعي لدى باقي البشر مما جعل الصلة بين دماغيه الأيمن والأيسر قوية ومتينة.
إن هذه الصلة القوية أتاحت للعالم تخيل مواقف ومسائل شديدة التعقيد والصعوبة فضلًا عن حجم الجسم الثفني كانت بنية دماغ آينشتاين مختلفة عن المعتاد كذلك حيث يزعم العلماء أن هذه البنية الفريدة كانت تُتيح للعالم آينشتاين التمتع بنقلًا عصبيًا منتظمًا وسلسل.
الأمر الذي مكن العالم من فهم المعادلات الرياضية من دون جهدًا كبير، فقد كان ألبرت آينشتاين قادرًا على حل المعادلات والمسائل الرياضية المعقدة من دون أن يستعمل الأوراق والأقلام، حيث نشرت بعض الأبحاث أن النقل العصبي السريع الذي يتمتع به دماغ العالم يعود إلى وزن دماغه الخفيف.
فعندما تم قياسه كان وزنه 1230 جرامًا بينما يزن دماغ الإنسان العادي 1400 جرامًا، كما يظن العلماء أن قشرة دماغ آينشتاين وأرضيته مانت رقيقة للغاية مما يُتيح للنقل العصبي أن يتم بشكلٍ أسرع وأكفأ، ولكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان دماغ العالم مختلفًا منذ لحظة ولادته أم أن هذه التغيرات قد حدث مع الوقت؟
بعد البحث في تاريخ حياة العالم اكتشف المؤرخون أن آينشتاين لم يبدأ بالكلام بشكل منتظمًا حتى تجاوز سن الخامسة من عمره، ففي الحالات الطبيعية يبدأ الأطفال بالتكلم لدي وصولهم للعام الثاني أو الثالث من العمر، وحتى بعد أن بدأ العالم بالتكلم لم يكن يُحب التحدث كثيرًا وكان يبقي منغمسًا في أفكاره الخاصة بعيدًا عن الجميع.
كان يعاني من مشاكل في التذكر بل أنه وجد صعوبة في تذكر جداول الضرب لكنه كان بارعًا في المعادلات الرياضية ذلك أنه كان يتعامل مع الأرقام والحسابات بشكلٍ منطقيًا بدلًا من حفظها وتذكرها.
وخلال سنواته المدرسية كان يرسب في جميع المواد ماعدا الرياضيات، حيث كان الأول على صفه في هذه المادة فقط، وعندما بلغ أينشتاين عامه الثاني عشر ترك أحد اساتذته كتابًا لتعلم الهندسة في منزل آينشتاين ولدهشة الجميع تمكن آينشتاين من قراءة الكتاب بأكمله في يوم واحد فحسب.
وبهذا تمكن من التعرف على جميع القواعد الهندسية التي كان بحاجتها للبدأ بتشكيل نظرياته الخاصة، كما أصبح ملمًا بكل ما يتعلق بالحساب التكاملي والتفاضلي عند بلوغه سن الرابعة عشر.
كان المامه بالرياضيات والعلوم الأخرى واسعًا لدرجة أنه جعل أساتذته يصابون بالحيرة لدى طرح أسئلته عليهم، ذلك أنهم وجدوا صعوبة في فهما فضلًا في محاولة للإجابة عنها.
ومنذ سنوات الطفولة كان العالم يحاول إيجاد طريقة لوضع جميع قوانيين الكون الرياضية في معادلة واحدة فقط، كانت تلك هي المهمة التي أخذها على عاتقه فقد كرس حياته لتحقيقها، وعند بلوغه سن السادسة والعشرين نشر آينشتاين أربعة أبحاث علمية فسرت قوانيين الكون الفيزيائية بطريقة تفصيلية ادهشت العالم.
الأمر الذي مكنه من الحصول على شهادة الدكتوراة والفوز بجائزة نوبل كمكافئة على تقديمه علومًا ونظريات افادة البشرية بأكملها.
يزعم الكثير من العلماء والأطباء أن دماغ ألبرت آينشتاين أصبح مختلفًا بعد ولادته ويعود السبب الحقيقي لذلك هو أن كان يبحث عن أجوبة لأسئلته على الدوام، وعندما لم يكن قادرًا للحصول على هذه الأجوبة كان يحاول إيجادها بالاستعانة بدماغه، ولدى تكرار هذه العملية الفكرية تطور دماغه بطريقة مختلفة ومتفوقة.
واليوم يُحفظ دماغ آينشتاين في المركز الأمريكي "متحف موتر" التابع لكلية علماء الفيزياء في ولاية بنسلفانيا، وقد تم تغليف قطع الدماغ في شرائح ميكروسكوبية وحفظها بعناية شديدة داخل المتحف.