أغلب الأشياء المستخدمة بشكل يومي نجد أن أغلبها يحتوي على تاريخ صلاحية، سواء كانت أطعمة أو مشروبات أو منتجات عناية شخصية جميعها تفسد أو تتلف مع مرور الوقت نظرًا لانتهاء مدة صلاحيتها، وإذا لم تتلف فلن تقوم بتأدية الوظيفة المطلوبة كما لو أنها سارية الصلاحية.
وهي المدة التي تختلف من منتج لآخر طبقًا لعوامل كثيرة من طبيعة المنتج أو طريقة تخزينه أو المكان المخزن فيه، وعلى الرغم من أنه لا يوجد منتج تقريبًا لا يحتوي على تاريخ انتهاء، إلا أن أغلبنا لا يهتم بتاريخ الصلاحية إلا في المنتجات الغذائية فقط من أطعمة أوأدوية علاجية.
وهنا ننتقل إلى سؤال مطروح، هل السم له تاريخ صلاحية كباقي المنتجات وإذا افترضنا وجوده وانتهى، هل يصبح السم أكثر سمية أم لا؟
تعريف السم
هو اى عنصر أو مركب قادر على التسبب في ضرر للأنسجة الحية، والتي ينتج من مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث بعددخول هذه المادة إلى الجسم، آما عن طريق الأكل أو الشرب أو الاستنشاق أو الحقن أو حتى اللمس.
وهذا العنصر من الممكن أن يكون صناعي أو طبيعي وبناءًا على التعريف الواسع للسم فلا نستطيع حصره على أنه مادة واحدة فقط مثل سم الفئران بل الأمر أعمق من ذلك بكثير.
وبالرجوع بالزمن للوراء سنجد أن البشرية على مر الزمن اكتشفوا مئات الأنواع من السموم، ومع كل مدّة زمنية تمر كان يتم اكتشاف نوع جديد من السموم، ونتيجة لهذا التنوع الهائل الطبيب اليوناني باراسيلسوس (Paracelsus) كرس حياته كُلََّها لدراسة علمالسموم.
إلى أن خرج لنا بمقولته الشهيرة "كل الأشياء سامة، لأنه لا يوجد شيء دون صفات سامة." إنها فقط الجرعة التي تجعل الشيء سامًا."
وبالرغم من غرابة هذه المقولة إلا أن العلم أثبت أنها صحيحة بنسبة ١٠٠٪، فعند النظر إلى أكثر مادة لا نستطيع الاستغناء عنها وهي المياه سنجد أن هذا الكلام ينطبق عليها.
فهناك أشخاص من الممكن أن تصاب بحالة من التسمم نتيجة لشرب كمية زائدة من المياه أكثر من الكمية التي يحتاجها الجسم، ولذلك ظهر فرع كامل من العلوم لدراسة السموم الذي يعرف بإسم (Toxicology).
أنواع السموم
هذا العلم الذي جعل دراسة السموم أقل تعقيدًا من قبل وذلك عن طريق تقسيمها وتوزيعها على مجموعات مختلفة الأنواع، ومن هنانجد تقسيم للسموم يعرف بإسم:
- سموم دوائية
- سموم غذائية
- سموم عصبية
- غازية
- سائلة
- صلبة
- بخار
وجاء التقسيم الثالث الذي يعتمد على المنشأ الخاص للسم، هل هو سم نباتي أم حيواني، فلك أن تتخيل أن مملكة الحيوان تمتلكوحدها أكثر من 220,000 نوع من أنواع السم.
أجود أنواع السموم
- الثعابين
- العناكب
- العقارب
وبالمناسبة ليست هذه جميع التقسيمات فهناك الكثير من التقسيمات المتشعبة والغرض مما سبق هو توضيح أن مصطلح سم هومصطلح واسع جدًا.
وللإجابة على سؤال موضوعنا سوف نحدد نوع السم أولًا، فدعونا نبدأ بالسم الأشهر على الإطلاق وهو سم الثعابين.
الاختلاف بين أنواع السموم
في تجربة لطيفة قام بها أحد اليوتيوبر المصريين جاء فيها بإحضار ثلاثة من أخطر أفاعي الصحاري المصرية :
- أفعى الطريشة (Saharan horned viper)
- أفعى الحراشف المنشارية (Echis coloratus)
- أفعى الكوبرا (Spitting cobra)
وأخذ من كل واحدة منهم عصارة مركب السم الخاص به، وقام بسحب عينات من الدم من جسمه وقام بخلط كل عينة مع هذاالسموم، وبالعين المجردة دون استخدام ميكروسكوب لاحظ بالرغم من أن جميعها سموم لثعابين إلا أن كل سم منهما له تأثير مختلف تمامًا على الدم.
حيث قام سم أفعى الطريشة بتجلط الدم، وسم أفعى الحراشف قام بتسيل الدم، وسم الكوبرا لم يؤثر على كثافة الدم إطلاقًا، فهذايُعني أن السم المستخرج من نوع واحد من أنواع الحيوانات السامة يختلف من فصيلة للثانية كل سم فيهم يحتوي على مئات المركبات البروتينية لانزيمات مختلفة.
والمذهل أكثر أن كائن واحد فقط من الممكن أن يحمل خليط من أكثر من سم في نفس الوقت، الطريشة السم الخاص بها يحتوى على١٣ مادة سامة مختلفة.
السموم العضوية
جميع السموم المستخرجة من الحيوانات والنباتات جميعها تسمى "السموم العضوية" وهذا النوع من السموم بمرور الوقت يتحلل، وبما أن هذا السموم تحتوى على أكثر من مركب فكل مركب منها له صلاحية مختلفة عن الآخر.
وهذا يوضح أن السموم المستخرجة من النباتات والحيوانات (السموم العضوية) إذا انتهت مدة صلاحيتها فبالتالي سوف تقل سميتها.
وهنا ننتقل إلى النصف الثاني من السؤال .. هل هذا ينطبق على جميع السموم أم السموم العضوية فقط.
ما يجعل السموم العضوية تتحل مع مرور الوقت هي المركبات الموجودة داخلها تحتوي على ذرات الكربون والهيدروجين وعادة ماتكون الروابط ضعيفة بينهم من السهل أن تتكسر وبالتالي هذه المركبات تتحلل.
السموم الغير عضوية
وعلى الجانب الآخر هناك سموم لا تحتوي مركباتها على ذرات الهيدروجين والكربون مع بعض، من الممكن وجود كربون دون وجودهيدروجين، وفي هذه الحالة تسمي "السموم الغير عضوية".
وبأخذ الرصاص أو الزرنيخ كمثال بما أنهم عناصر شديدة السُمية، سنجد أن في صورتهم الغير عضوية لا يتحللوا من الأساس لكن هذا يُعني أن ليس لهم صلاحية؟ الإجابة نعم و لا.
الرصاص والزرنيخ هي عناصر توجد في القشرة الأرضية وبالفعل لا تتحلل بالشكل المتعارف عليه، لكن يكون لديهم فترة تعرف بإسم(فترة عُمر النصف).
فترة عُمر النصف هي المدة التي يأخذها العنصر حتي تتحل نصف كميته أي أنه لن يتحلل أو لن تقل فعاليته لكن كميته هي التي سوف تقل وهذا الوقت من الممكن أن يصل إلى عشرات السنين.
الرصاص أو الزرنيخ وأشباههم من السموم إذا كانوا في حالة عضوية سوف يُطبق عليهم مبدأ التحلل بشكل عادي جدًا وسُميتهم سوف تقل مع مرور الوقت.
السموم المُصنعة
يوجد سموم يكون لها مدة صلاحية فعلًا لكن عند انتهائها مفعول السم لا ينتهي أبدًا حيث تكون النتيجة عكسية تمامًا وهذا ما نراه في بعض أنواع السموم المُصنعة.
وبأخذ المبيدات الحشرية للنباتات كمثال سنجد أنها سموم مُصنعة بهدف القضاء على آفات المحاصيل الزراعية، لكن مع ذلك الشركات المُصنعة للمبيدات تدون تاريخ صلاحية على عبوات السموم للرجوع إليه قبل الاستخدام.
جامعة ميشيغان الأمريكية (michigan univjersity) حظرت من استخدام المبيدات الحشرية بعد فترة سنتين من فتح العبوة، حيث اتضح أن المبيدات الحشرية إذا تم استخدامها بعد انتهاء الصلاحية سوف تتسبب في تسمم النبات نفسه.
إذا هناك مجموعة من السموم عند انتهاء تاريخ صلاحيتها مفعول سُميتها يزيد وليس يقل وهذا لا يحدث فقط مع المبيدات بل يحدث أيضًا مع الأدوية الطبية.
ماذا يحدث عند انتهاء صلاحية السم؟
في نهاية موضوعنا لابد من توضيح أن السموم جميعها ليست متشابهة، هناك سموم بمجرد انتهاء صلاحيتها تقل سميتها، وسمومآخري تزيد، وسموم مهما مر عليها من زمن لا تتأثر.