كيف يظهر الديدان في الطعام والفاكهة؟
عندما تترك بقايا من الطعام فى علبة مغلقة وتركها خارج الثلاجة لمدة بلغت أسبوع أو أكثر، وعند رجوعك لفتحها بغض النظر عن الرائحة الكريهة المنبعثة.
إلا أنك سوف تلاحظ وجود الحشرات داخل العلبة المغلقة، ونفس الأمر يحدث لثمرة فاكهة مثل التفاح عند تركها بالخارج لبضعة أيام وعند تقطيع ثمرة التفاح ستجد بداخلها ديدان أيضا، فكيف تظهر الحشرات والديدان فجأة داخل الفاكهة أوعلب الطعام وما هو مصدرها ؟
فرضية التوالد الذاتي لأرسطو
ظهور الديدان والحشرات داخل الأطعمة ظاهرة شغلت عقول الكثير من الأشخاص لمئات السنيين، لدرجة ظهور فرضية تفسر هذا الأمر وتعرف بإسم "التوالد الذاتي" .
ظهرت هذه الفرضية للمرة الأولى على يد الفيلسوف اليونانى "أرسطو" وظلت موجودة منذ ذلك الوقت حتي القرن الـ 18، وتنص هذه الفرضية على أن المخلوقات الحية من الممكن أن تتولد تلقائياً من بعض الأجسام الطبيعية الغيرحية في حالة توافر بعض الظروف المخصصة.
كان الاعتقاد أن التراب أو الغبار من الممكن أن يتوالد منه البراغيث، واللحوم أوالبروتينات من الممكن أن يتوالد منها الديدان، حيث تم بناء هذا الكلام على أساس المشاهدة والملاحظة.
وذلك من خلال تجربة وضع قطعة من اللحم داخل علبة مغلقة وتركها مدة وعند فتحها وجود الديدان داخل قطعة اللحم، إذًا قطعة اللحم هذه هي التي توالد منها الديدان.
المدهش أن حديث "أرسطو" لم يتوقف على الكائنات الدقيقة فقط، بل حاول تعميم الفرضية السابقة على المخلوقات الحية الكبيرة، فكان يعتقد "أرسطو" أن الصدف الموجود في قاع البحر يتوالد من رمال القاع.
بالإضافة إلى آخرين ذكروا أن التماسيح والثعابين تتكون من طمى النيل، والفئران من خليط من القماش المتسخ والقمح وذلك لوجود الفئران داخل أكياس القمح قديماً.
فرضية "التوالد الذاتي" هي فرضية غير صحيحة مليئة بالكثير من الخرافات وليس لها اي أساس علمي.
مبدأ التكاثر الحيوي
كما نعلم أن المخلوقات الحية لابد أن تتوالد من كائنات حية مثلها وهذا مايعرف بإسم "التكاثر الحيوي"، حيث يخضع الديدان لمبدأ التكاثر الحيوي.
الديدان الذي يظهر على المأكولات المتحللة لا يظهر من العدم بل يتكون من كائن حي آخر وهذا الكائن هو الذباب .
كيف يظهر الديدان داخل الفاكهة
عند وجود بعض اليرقات أو الديدان على الأطعمة عليك التأكد أن هذا الطعام قد سبق ووقف عليه بعض الحشرات أو الذباب وقامت هذه الحشرات بوضع البيض الخاص بها على هذا الطعام وطارت.
هذا التصرف شائع جداً في عالم الحشرات وخصوصاً إذا كان هذا العنصر من البروتينات، وذلك لأنها تعد مصدر غذاء مفيد لها.
ينطبق هذا الأمر أيضا على الفاكهة والخضروات وذلك عند فتح أو قطع ثمرة من الفاكهة أو الخضروات وبداخلها مجموعة من الديدان، تأكد أنه سبق وأن وضعت حشرة ما بيضها على ثمرة الفاكهة.
الفاكهة والثمار تجذب الحشرات والذباب وذلك لأن الحشرات والذباب تفضل مادة السكروز الموجودة في معظم الفاكهة والخضروات، فيأتي الذباب ويقف على سطح الثمرة من الخارج محاولًا إحداث ثقب لوضع البيض الخاص به داخل هذا الثقب.
بعد ذلك يفقس ويتحول إلى الديدان الذي نراه ، أول من اكتشف هذا الأمر هو الطبيب والعالم الإيطالي "فرانسيسكو ريدي" فقد أجرى العديد من التجارب العلمية عام 1668 ليتأكد من خلالها هل الديدان يظهر من العدم كما كان شائع في ذلك الوقت.
تجربة توضح ظهور الديدان داخل الأطعمة
قد كانت التجربة عبارة عن "ثلاثة برطمانات ووضع فكل برطمان قطعة من اللحمة النيئة :
- كان البرطمان الأول : معرض للهواء
- البرطمان الثاني : قام بتغطيته بقطعة من القماش الناعم وذلك للسماح للهواء بالدخول إلى البرطمان ومنع الحشرات
- البرطمان الثالث : قام بوضع عليه غطاء لمنعه من الهواء تماماً
وبعد ذلك قام بمراقبة البرطمانات لعدة أيام فقد كانت أول الملاحظات :
- البرطمان الأول : دخل إليه مجموعة كبيرة من الحشرات والذباب
- البرطمان الثاني : تجمع حوله الذباب ووقفوا على القماشة الناعمة لفترة محاولين الدخول
- البرطمان الثالث : لم يقترب منه الذباب
وعند مراقبة العالم فرانسيسكو ريدي البرطمانات لاحظ أن :
- البرطمان الأول : ظهر بداخله الديدان ويتغذون على قطعة اللحم
- البرطمان الثاني : ظهر الديدان الميت على القماشة الناعمة من الخارج
- البرطمان الثالث : لم يظهر عليه أو بداخله الديدان
وبذلك استنتج العالم فرانسيسكو ريدي ان الديدان الذي ظهر هو عبارة بويضات الذباب الذي كان يدور حول المكان، ولذلك البرطمان المغلق لم يظهر عليه الديدان.
لم ينتهي الأمر عند هذا الحد بل استكمل العالم فرانسيسكو التجارب للتأكد، واحضر البرطمان المكشوف الذي ظهر عليه الديدان وقام بإغلاقه بإحكام ومراقبته عدة أيام.
في البداية لاحظ ان الديدان صنع حول نفسه شرنقة لونها بُني (الشرنقة هي طور يعقب مرحلة اليرقات) وبعد عدة أيام فُتحت هذه الشرنقة وخرج منها ذباب صغير وبدأ في الانتشار والتحرك داخل البرطمان.
يدل ذلك انه في اي مرة عند وجود طعام يوجد عليه الديدان، يُعنى ذلك أنه قد سبق ووقف عليه حشرة أو ذبابة ووضعت البيض الخاص بها على الطعام .
عند وجود علبة مغلقة بإحكام مثل علب التونة الجاهزة أو المشروم بقيت مغلقة طبقاً للجهة المصنعة لها من المستحيل أن يظهر بداخلها الديدان وهي مغلقة.
الفرق بين الفطريات والديدان داخل الطعام
لكن قد يختلف البعض على ما ذُكر سابقاً، فقد يشتري البعض هذه المنتجات المُعلبة وعند فتحها يجدون عفنًا داخلها، لكن دعني أخبرك أنه يوجد فرق بين عُلبة تحتوي على فطريات وأخرى تحتوي على الديدان فالحالتين مختلفتين عن بعضهما.
كل ما هو عضوي حولنا ومعرض للهواء الجوي يوجد به كميات من البكتريا والفطريات سواء كانت نافعة أو غير نافعة، ونظراً لأن هذه المخلوقات متناهية الصغر لا نشعر بوجودها.
عند النظر إلى أرض الواقع فالطعام الخاص بنا سواء كان من الخضار أو الفاكهة أو اللحوم وغيرها، بل حتي الأخشاب والغبارفي الهواء كل هذه الأشياء عند النظر إليها تحت الميكروسكوب سنجدها تحتوي على كمية ضخمة من المخلوقات الدقيقة وهناك الكثيرمن المقاطع التي توضح هذا الأمر.
لكن وجود هذه المخلوقات الدقيقة هي رحمة من ربنا سبحانه وتعالى وتلعب دورًا مهما في التوازن البيئي، حيث أنها تحطم المواد العضوية الميتة وتحللها.
الفطريات والبكتريا الموجودة في الطعام في الطبيعي تكون ذات مستوي قليل ولا تأثر على الإنسان ولا جودة الطعام، لكن مع مرور الوقت تبدأ هذه الفطريات في التكاثرعلى سطح الطعام.
عند توافر ظروف مناسبة مثل الرطوبة أو التعرض المستمر للهواء فتبدأ هذه الكائنات في الانتشار أكثر فأكثر، وهذا هو السبب الذي يجعل المصانع تقوم بإضافة مواد حافظة في المُعلبات.
وذلك للحفاظ على المنتج لأطول فترة ممكنة ولكنها لا تمنع الفطريات إلى ما لا نهاية، المواد الحافظة الموجودة داخل المنتجات تكون بكميات قليلة وتستمر في مقاومة الفطريات لمدة مُعينة من الوقت.
بعد ذلك يبدأ تأثيرها في التلاشي وهذا ما يجعل الفطريات تنشط داخل العلب المُعلبة حتى ولو كانت العلبة مغلقة بإحكام ولم تتعرض للهواء.
فهناك فرق بين منتج يظهر بداخله مجموعة من العفن (الفطريات) ،ومنتج آخر يظهر بداخله مجموعة من الديدان التي تكون في الأصل يرقات من الذباب والحشرات فمن المستحيل ظهورالديدان داخل علبة مغلق طالما لم يدخل فيها حشرة في مرحلة ما .