هل زواج الأقارب ينتج عنه أطفال مشوهة غير طبيعية؟

زواج الأقارب ينتج عنه أطفال مشوهة غير طبيعية واحدة من ضمن المشاكل التي تتردد على مسامعنا، فهل يشكل الأمر خطورة وهل هذا الكلام صحيح من حيث الدراسات والأدلة العلمية.

زواج الأقارب ينتج عنه أطفال مشوهة

ام أنها أقاويل مشهورة تتناقل بين الأشخاص فقط، وإذا كان الحديث حقيقي وصحيح فيوجد حولنا أشخاص متزوجة من أولاد العم وأولاد الخالة وأقاربهم، والأمر طبيعي لا يعانون من المشاكل ولا هم ولا أولادهم .


زواج الأقارب تاريخياً


عام 1516م تأسست في أسبانيا عائلة هابسبرغ الملكية، والتي كانت واحدة من السلالات ذات السيادة والقوة في اوروبا، استمر حكمها للممالك الأسبانية في الفترة ما بين 1516 إلى 1700 مما يعني قرنين من الزمن، وحتي يحافظ ملوك هابسبرغ على قوتهم، كانوا يروا أنه يجب عليهم المحافظة على السلالة الخاصة بهم نقية، ويستولوا هم ونسلهم على الحكم طوال فترة بقائهم على قيد الحياة.


ولكي يصلوا إلى ذلك الهدف قرر الملك فيليب الأول أن عائلة هابسبرغ لن تتزوج من اي مخلوق من خارج العائلة، مما يعني الزواج من الأقارب (أولاد العم والخالة)، وبالفعل استمر جواز الأقارب في هذه العائلة إلى عام 1661، وهي السنة التي ولد فيها أخر وأشهر ملوك هابسبرغ الملك تشارلز الثاني والذي كان له سبب في انقراض العائلة.


الملك تشارلز ذات الجينات الناتجة عن قرنين من تزاوج الأقارب، العائلة بأكملها كانت تنقسم بمعني لا تتزوج وتنجب بطريقة عادية مثل بقية الأشخاص.


فقد عاني تشارلز من إعاقات كثيرة جدًا أبرزها كانت عدم قدرته على الكلام حتى بلغ من العمر 4 سنوات، بالإضافة إلى عدم قدرته على المشي حتي بلغ 8 سنوات وأيضا كان فكه مشوه وعقيم، ولأنه كان اخر ملوك سلالة عائلة هابسبرغ كان ذلك السبب في انقراض العائلة بعد وفاته.


حتى أنه بعدما مات اكتشف الأطباء أن قلبه كان ذات حجم صغير، وكانت رئتيه متآكلة ورأسه كانت مليئة بالماء، بالإضافة إلى مشاكل في الأمعاء وعدم انتظام هرمونات الغدة النخامية وبعض الأمراض الاخرى، مما يعني أن تشارلز كان في حالة من الدمار التام.


ومع الوقت انتشر أن جواز الأقارب هو السبب في ذلك، والذي سبب مشاكل لتشارلز الثاني جواز الأقارب فقد كان هوالسبب في انقراض عائلة هابسبرغ، لكن هل هذا الكلام حقيقي ام ان تشارلز كان حالة مرضية فردية؟


بالرجوع إلى الزمن وتحديدا في مصر القديمة نجد ان جواز الأقارب كان له دور كبير في العائلات الملكية المصرية، لدرجة وجود دراسات للحمض النووي، الذي اثبتت ان الملوك تزوجوا فعلياً من اخواتهم البنات مثل أحمس و اخناتون، وعلى الرغم من ان زواج المحارم كان محرم في مصر بنصوص قانونية ودينية .


الا ان هذه القوانين كانت لا تسري على العائلة الملكية، لذلك كان جواز الأقارب منتشر بين الأسر الملكية بهدف الحفاظ على الحكم، عام 2015 اجريت دراسة تم فحص بها 259 مومياء مصرية بالغة، فقد كانت النتائج أن المومياوات الملكية كانت ذات أطوال مختلفة عن عموم المصريين.


مما يعني ان الذكور كانوا أطول من المتوسط والإناث كانت أقصر من المتوسط، ويعد أشهر الملوك الذي كان ناتج عن تزاوج الأقارب هو توت عنخ امون، عندما تم فحصه تم الاكتشاف أنه كان يعاني من تشوه في قدمه، واحتواء مقبرته على 130 عصا للاتكاء (عكاز) .


وبالرغم من إجراء دراسات وأبحاث علمية كثيرة في علم الوراثة وحالات تزاوج الأقارب، الا ان حالة تشارلز الثاني اجريت لها دراسات خاصة.


في شهر إبريل عام 2009 انتشرت دراسة في المكتبة الوطنية للطب تحمل عنوان دور زواج الأقارب في انقراض سلالة بشرية، وطبعا القصد من ذلك (سلالة عائلة هابسبرغ).


الدراسة تهدف إلى مناقشة زواج الأقارب وتأثيره ومخاطره، لكن من خلال دراسة عائلة هابسبرغ تحديدا بما أنها تعد أشهر الحالات من زواج الأقارب.


عندما قام الباحثين بدراسة تاريخ عائلة هابسبرغ أكثر، فقد لاحظوا ان عدد الوفيات من الرضع والأطفال لدي عائلة هابسبرغ كانت مرتفعة جدا، والفترة ما بين 1527 و 1601 عائلة هابسبرغ كان لديها 34 طفل قد ماتوا، مما يعني معدل وفيات وصل إلى 30% .


لكن أيضا بالرغم من حالات الوفاة الكثيرة هذه كان الباحثين موضوعيين ولم يصدروا أحكام تتعلق بزواج الأقارب فوراً، فقد بدءوا في جمع بيانات لـ 8 اسر من عائلة.


وعند دراسة البيانات هذه والتي كانت تتضمن 51 حالة حمل من 8 اسر، فقد وجدوا : 


5 حالات إجهاض 

6 حالات وفاة لحديثي الولادة 

14 حالة وفاة للبالغين أقل من 10 سنوات 


ومع الـ 51 حمل هذه بجانب دراسة حالات زواج خارج العائلة الملكية، وجد الباحثين ان السبب الرئيسي في حالات الوفاة كلها قبل سن 10 سنوات هو زواج الأقارب والأمراض الوراثية، بعد ذلك استمر الباحثين في الدراسة للأجيال المتتابعة حتى الوصول إلى تشارلز الثاني، والذي اجتمعت فيه كافة أمراض العائلة الجينية.


حيث تسببت له في أمراض باطنة كثيرة بالإضافة إلى ظهوره بمظهر غريب، فزواج الأقارب هو الذي جعل الجينات المتنحية في العائلة تسود وتأثر عليه.


الصفات الوراثية الطبيعية


المتخصصين في علم الوراثة يقولوا ان الصفات الوراثية تتخزن في الخلية، مما يعني انها تتخزن في الكروموسومات الموجودة في نواة الخلية، وكل كروموسوم يتكون من زوجين يحملوا الصفات الوراثية، كل زوج منهم يحمل صفة واحدة حيث يحمل صفة من الاب والثاني يحمل الصفة من الأم.


الصفات المحمولة على الكروموسومات، ان تكون الأب والأم صفات سائدة مثل العيون البنية على سبيل المثال مما يعني ان الطفل سيولد بعيون بنية، اما تكون صفة الأب متنحية مثل العين الزرقاء والأم صفة سائدة مثل العيون البنية في هذه الحالة يكون هناك معركة بين الجينات ينتصر فيها غالباً الجين السائد والطفل يولد بعيون بنية.


في الحالات السابقة يكون الأمر في غاية الاعتيادية لكن أين تكمن المشكلة؟


المشكلة هنا هي ان في حالة ان الأب والأم يحملون نفس الصفة المتنحية، هنا الطفل سيرث هذه الصفة وذلك لعدم وجود صفة آخري سائدة بإمكانها السيطرة. 


وهذا هو الذي يحدث في حالات الأمراض الجينية الناتجة عن زواج الأقارب، الأمراض الجينية عادة تكون صفات متنحية، وفي حين مقابلتها بصفة سائدة من الزوج أو الزوجة تستطيع في هذه الحالة تفادي المشكلة.


هل زواج الأقارب ينتج عنه أطفال غير طبيعية؟


زواج الأقارب ينتج عنه أطفال مشوهة في حالة وجود اثنين أقارب حاملين أو يرثون نفس الجين المتنحي الحامل مرض جيني، في هذه الحالة يرث الطفل المرض غالباً، وهنا تكمن خطورة تزواج الأقارب، لذلك نظريًا وعلميًا وبالدراسات زواج الأقارب من الممكن أن ينتج عنه أجنة مشوهة لا قدر الله.


ننتقل إلى نقطة آخري وهي وجود الكثير من الأشخاص متزوجين من أقاربهم وأطفالهم ذات صحة جيدة.


دعني أخبرك أن الكلام المذكور في الاعلي ينطبق في في حالة واحدة وهي وجود أمراض جينية فقط، وهذا ينقلنا إلى نقطة إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج وخصوصاً قبل زواج الأقارب.


الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج 


هذه الفحوصات من المفترض إجرائها بشكل عام حيث تنقسم هذه الفحوصات إلى قسمين، قسم خاص بالذكور وقسم خاص بالإناث.


الفحوصات اللازمة في حالة عدم وجود صلة قرابة بين الزوجين:


بالنسبة إلى الذكور يتطلب منهم :

  1. تحديد فصيلة الدم 
  2. مستوي الهيموجلوبين 
  3. مستوي السكر في الدم 
  4. التهاب الكبد الوبائي 
  5. الايدز
  6. تحليل مرض الزهري 
  7. تحليل السائل المنوي 


بالنسبة إلى الإناث يتطلب منهم :

  1. تحاليل الهرمونات
  2. تحليل فيروس الحصبة الألمانية 
  3. تحديد فصيلة الدم 
  4. مستوي الهيموجلوبين 
  5. مستوي السكر في الدم 
  6. التهاب الكبد الوبائي 
  7. الايدز
  8. تحليل مرض الزهري 


الفحوصات قبل الزواج للذكور والإناث في حالة وجود صلة قرابة بين الزوجين:


تتضمن نفس الفحوصات السابقة لكن بالإضافة إلى فحصين اخرين :

  • تحليل الكروموسومات 
  • تحليل الثلاسيميا  


بالرغم أن الفحوصات قد تظهر للبعض أنها كثيرة الا انها بسيطة ومن خلالها يمكننا تفادي اي قلق أو ضغط أو مشاكل وبهكذا يمكن للشخص الزواج من أحد أقاربه دون وجود اي شكوك .


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-